بحث عن:

٢٣‏/٠٧‏/٢٠٠٧

نقطة ومن أول السطر .. الحلقة الثالثة .. معينات على التوبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه

الحمد لله الذي يأمر بالعدل والإحسان .. ويدعو إلى طريق الحق والإيمان .. فيترصد لابن آدم الشيطان ..فيرسل الله الرسل بالهدي والفرقان..فنبذ ذلك فريق من الذين أوتوا الكتاب وتلبسوا بالكفران..واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان.. فرهب الله الناس وأنذر بالضلال من تبدل الكفر بالإيمان .. ورغبهم فقال ولمن خاف مقام ربه جنتان

أما بعد فهذه الحلقة الثالثة لنا في موضوع التوبة وقد تكلمنا سابقا عن علامات قبول التوبة ونسأل الله أن يتوب علينا وعلى كل مسلم عاصي

وقد يقول أحدنا : ( بصراحة أنا مش قادر أتوب .. أنا عمال أتوب وأرجع .. حياتي ضايعة في المعاصي..بصراحة أنا منفعش للطريق دا )

أقول لهذا الشاكي .. أخي ..حبيبي ..لاتمكن الشيطان منك وأستعذ بالله من الشيطان الرجيم وها هي يدي أمدها إليك لتتوب .. لتعود إلى الله ..بل لنتوب سويا ولنعود إلى الله معا

أقدم لك اليوم يا أخي بعض المعينات الي تقودإلى التوبة عسى الله أن يمن بتوبة من عنده

وإليك أخي وأختي بعض الأشياء المعينة على التوبة :

أولا: الدعاء وصدق اللجؤ إلى الله :

وهذا هو أصل المسألة .. فتوكل على الحي الذي لا يموت وأطلب منه التوبة وهنا تنتهي مشكلة العودة بعد التوبة للذنب وهو القائل في القرآن :(.. فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ..) الروم 29

والبعض يستهين بالدعاء ويراه شيئا هينا بل وينسى أن الدعاء في الأصل عبادة فالدعاء يكون لحاجة الإنسان لله .. فكيف لا يدعو أحد الله ؟؟ أهناك من لا يحتاج لله ؟؟

وفي الحديث الذي رواه البخاري في الأدب المفرد و صححه العلامة الألباني في صحيح ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ) من لم يسأل الله يغضب عليه)

وفي الحديث الذي حسنه الشيخ الألباني من حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدعاء ينفع ممانزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء )

وقد يقول البعض مالنا ندعو وندعو ولا نجد أي إجابة .. فنرد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم,ما لم يستعجل. قيل: يا رسول الله وما الاستعجال؟ قال:يقول: قد دعوت وقد دعوت,فلم أر يستجاب لي,فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء)

وينبغي لمن يدعو أن يكون حاضر القلب منكسر بين يدي الله مستقبلا للقبلة متطهرا متحريا لأوقات الإجابة فذلك أدعى لأن يجاب دعاؤه

ثانيا: عزل النفس عن مواطن المعصية:

حاول أخي الكريم وأختي الكريمة أن تباعدوا عن المعصية وكل ما يقربكم منها .. أشخاص .. أماكن .. وخصوصا أصدقاء السوأ فهم أكبر الوسائل المعينة للشيطان على إرجاعك لحياة الغي

وقال صلى الله عليه وسلم:" وأمّا جليس السوء كنافخ الكير إمّا أن يحرق ثيابك وإمّا أن تجد منه ريحا خبيثة" أخرجه البخاري (5534) كتب الذبائح والصيد، ومسلم (2628) كتاب البر والصلة

وقال على بن أبي طالب رضي الله عنه : " لا تصحب الفاجر فإنه يزيّن لك فعله ويود لو أنك مثله"

وقد يأتي لك الشيطان ويقول : ( يعني لما تبقى وحش تبقى مع صاحبك ولما تبقى كويس تسيب صاحبك لوحده هي دي الصداقة ؟ طيب خليك معاه وساعده )

نقول : وكيف وأنت يا عبد الله لم تتب بعد ولم تثبت قدمك في أرض الإيمان .. كيف وأنت كنت منذ أيام قلائل ذلك العاصي الذي يتنقل بين أنواع المعاصي المختلفة

إننا حين نقر بأن الله يغفر للتائب ويتوب عليه فهذا لا يتعارض مع كون المعاصي ما زالت لها جذور داخلة متغلغلة تحتاج لأن تعزل حتى لا تجد من يسقيها بماء التزيين فتنبت مرة أخرى .

فليس من المعقول أن من عصى الله في سنين ثم يتوب الله عليه سينسى وستنمحي آثار الذنوب من قلبه ومن داخله بل لها رواسب يجب أن يجهد الإنسان نفسه في إزالتها وهذا ما سيأتي معنا في الحلقات القادمة .

وعلى هذا فالبعد البعد عن مواطن المعصية وأصحابها حتى يحصل لك الطهارة كاملة وتنمحي آثار الذنوب كلها .. وحينها تأتي إلى هؤلاء الذين فارقتهم لا رفيقا في المعصية ولكن {وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً }الأحزاب46

والحرص على الصحبة الصالحة ورفقاء الخير فهم الذين تدوم مودتهم إلى يوم القيامة وصدق الله القائل في كتابه :

{الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ }الزخرف67

ثالثا : علاج النفس بالصوم :

الصوم من أكبر الوسائل المعينة على الصبر وهو يحفظ الإنسان من نيران الشهوة وواقي للقلب من كثير من سموم الهوى فحاول أن تلزم الصوم بصفة دورية : الثلاث أيام البيض من كل شهر عربي ( 13/14/15) فإن أردت الزيادة فالاثنين والخميس من كل أسبوع .. فإن أردت الزيادة فصم يومأ وأفطر يوما وهذا خير الصيام .

رابعا :تذكر الموت :

ونريد أن يتغير أيضا فكرنا في موضوع التذكير فليس التذكير بعبارات لا تكاد تجاوز الحناجر ( كلنا هنموت .. كله فاني ولا دايم إلا وجه الله ) بل نريد ذكر للموت بالقلب .

تفكر في الموت بأنه الفاصل بينك وبين الجنة .. نعم الجنة .. فأنتا تشتاق إليها ولكن يمنعك منها الموت .. فادعو الله أن يعجل لك يالجنة وقد يقول قائل وهل أعمالي هذه تبلغني الجنة .. فنقول إذا فاستعد للحظة الموت بالأعمال التي تدخلك الجنة .. استعد بالزاد الذي إذا عبرت من شاطئ الحياة الدنيا إلى شاطئ الحياة الآخرة كنت من الفائزين .. فلتجعل تذكرك للموت على أنه الجسر الذي يعبر بك بين الشاطئين وأنت سائر إليه لا محالة فتزود في طريقك قبل بلوغ الجسر

خامسا : تذكر عاقبة المعصية :

وتذكر عواقب المعصية من الأشياء التي قد تردع الإنسان عن فعل المعاصي والموبقات وقد ذكر ابن القيم في كتابه القيم :الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ( الداء والدواء ) عقوبات المعاصي فذكر أن المعصية تضعف التوبة وتهتك ستر الله تعالى عن العبد وتهون العاصي على الله سبحانه وتعالى وتقصر العمر وتمحق بركته وتورث الذل وتطفئ نور العقل وتدخل العبد تحت لعن الله عز ورجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم وتسبب الخسف والزلازل وتفسد الأرض و تذهب الحياء وتضعف في القلب تعظيم الرب وتستجلب نسيان الله للعبد وتخرج صاحبها من دائرة الإحسان وتحرم رفقة المؤمنين وتزيل النعم وتحق النقم وتعوق سير القلب إلى الله تعالى وتوقع في القلب الوحشة وتمرض القلوب وتعمي البصيرة وتصغر النفوس وتسقط كرامة العبد عند الله وعند خلقه وتمحق البركة وتجعل صاحبها من السفلة وتجرئ على الإنسان أعداءه وتنسي العبد نفسه والأخطر من ذلك كله أنها تجلب معصية أخرى وكل هذا بخلاف العقوبات الشرعية على المعاصي

فتخيل أخي الكريم بنظرة إلى متبرجة يحدث لك كل هذا .. إذا تفكر في ذلك جيدا قبل أن تنظر حينها ستتردد كثير وكثيرا قبل أن تفعل

وأنت اختنا الغالية تخيلي أنك بخروجك بدون حجاب شرعي سيحدث لك كل هذا ؟ هل ستظلين إذا على ما أنت عليه ؟

سادسا: انصر الله ينصرك :

هذه طريقة عملية رائعة استدلالا من قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }محمد7

فمن يشتكي من الهزيمة أما النفس والشيطان فلينصر الله كيينصره الله

وهنا يأتي السؤال كيف ننصر الله ؟

نقول نصرة الله تكون بنصرة دينه في الأرض .. فمثلا .. جرب أن تضع مصحفا في مسجد أن تعطي أحد شريطا عليه أحد الدروس الدينية القيمة .. تذكر الناس بسنة منسية أوتساعدهم على فعلها كأن توزع ( السواك ) ..تذكر الناس بأوقات الصلاة .. وهكذا

غير أن هذا وحده لن يكفي إذا لم يكن من الأصل عندك استعداد للتوبة.

وهكذا فهذه الاسباب وغيرها الكثير من المعينات على التوبة نسأل الله أن يتوب علينا جميعا وأخيرا وقفة أخيرة

اعلموا أيها الإخوة والأخوات أننا وإن أطلنا في موضوع تلك النقطة لأن وضع نقطة قبل البداية من أول السطر هو أهم شئ

فلو لم تكن تلك النقطة فاصلة حاسمة فلن يختلف الأمر كثير قبل السطر من بعده .

واعملوا أيضا أنه بعدما نكون إن شاء الله قد جددنا توبتنا وثبتناها وعالجناها خلال هذه الحلقة وسابقتها .. فالعمل بعد التوبة يبدأ منذ المرة القادمة

أخوتي شمروا عن ساعد الجد فالعمل سيبدأ من المرة القادمة إن شاء الله

لا تنسوني من الدعاء

هناك تعليق واحد: